20‏/04‏/2024

شوقٌ أم إكتئاب؟

 

مرةً أخرى

أتمنى لنفسي نوماً هانئاً

أغمض عينيّ

أفتح عينيّ

أتمنى لنفسي نوماً هانئاً

أغمض عينيّ

.. والأثر

يعتلي كتفي

وبعض أجزاء رقبتي

الواقع ..

مريراً

يجرني إليه

برأس صنارة

مرةً أخرى

يمنعني من النوم

ولا أجد حلماً واحداً

ينقذني هذه الليلة

لهذا

سأكتب لك

اليوم، غداً

او بعد غدٍ

سأخطو على السطر

كمن يخطو على ناطحة سحاب


أكتب لك

عمت مساءاً

قد أبدو لك كمن يهرب من إنتكاسة

وهذا صحيح

قد أبدو لك هشاً

كشخصٍ يكتب

وهذا غير صحيح

إنني أقوى بكثير من هذا النص

أقوى من رغبة ملحة بالإنتحار

أقوى من الأقراص المسكنة التي يأخذها أبي.


أتمنى نوماً هانئاً

أغمض عينيّ

واكتب لك..

ما أسقمك من سم

كيف تجيء هكذا في لبّ المعاناة؟

تجيء

عشبةً ضارة

حشرةً هاربة من مياهٍ آسِنة

تجيء

جواً غابناً

يحط على بيتي المحترق

تمنع عني الهواء

ورأسي يرتفع شبراً بعد شبر

وعيناي سكارى

تهلوس بك

شفتاي تهمهم

رسالةً لك

أو تخرس


بمن أرتجي هذه الليلة؟

وكل من حولي يخون

الآباء

وهم يبكون بأحضاننا

الموتى

وهم يحيون بأحلامنا

بمن أرتجي

وذاكرتي تخون؟

ها أنا

أُغمض عيني

أتمنى نوماً هانئاً

وأعود

كرةً مطاطية ليد طفل

فاشلٌ الى نقطة الصفر

كذبابة تطير نحو كف صافعها

أُسامح ..


بمن أرتجي

إنني أسقط من الرف

رجلاً بالغاً

أمهُ لم تعد تشيل حمله

واقفٌ في المنتصف

وسط كومةً من الإتجاهات

ولا أستطيع إقناع أُمي

أني مازلت

مازلت طفلاً ضائعاً!

يعاين أن الفات

اكثر من القادم

والواقع بات أمراضٌ مزمنة

وآلامٌ في الظهر


إنني أفتقد للمعنى

كربيعٍ غادرته الفراشات

كصوتٍ لا يهز طبلة أُذن

كعتبة باب المنفى

غادرت البرواز

لكني ما زلت ضائعاً في اللوحة

أكتب

كي ألهي عقلي عن الجنون

كي أقول بسطرٍ واحد

أنهم الآباء

أنه الإكتئاب

أنه الأرق

أنها آلام الظهر

ليس لك مكان في السطر

وسأنساك مرةً أُخرى

فحياتي كومة من الأوراق المبذرة

وأنا

كلمةً ضاعتْ

أنا

كلمة واحدة

لا أجد سطراً قويماً أتمسك به

ولا حلماً واحداً

ينقذني من هذه الليلة.

29‏/03‏/2024

زكاة

 

- هذا النصّ زكاة ما يُقدمه الإله لي من كؤوسٍ مريرة. -


لا أدري كيف أصفها لك.

سأقول وإن بدا لك هذا النص قراري

تأكد أنه ليس صوتي

فالصوت واللغة

باتا أكبر بكثير من حنجرتي


لا أستطيع إقناعك

بعد أربعٍ وعشرين عاماً من الحديث

أنني خرساء

لكنني أصمت عند مناداتي

وألوم الإنسان الذي أفرط بالتواصل

ولم يكتفِ بنظرةٍ او إيماءة.


سأقول

أن الإله فتح أبواب السجون كلها

مُعلِناً ولادتي 

رحت أعدو مع السرب

بلا سمعٍ او بصرٍ او فؤاد

باحثاً عن نجاتي

سأقول 

كل يوم هو حرب وهروب

أود فيه بساطاً صغيراً يشبه العلم

أُعلِن به إنتصاراتي

لكني أعود دوماً على بساط الصلاة

مُعلِناً تعبي

بحيلٍ مهدود 

أُصلي

سبحانك يا من بدد طاقتي

بعدما كنت مزهواً بنفسي

بفكرة

فكرة فقط

سبحانك يا من وضع في صدري

فم كلبٍ لاهث

يا من غلفني بجلدٍ مبسوطٍ على الشوك

يا من أفلت قلبي في حفرة غير منتهية داخل كتلة اللحم العبثية المُسماة بالجسد.


هل أتوقف عن البحث؟

ماذا لو أعادوا لي الكرة؟

وأعطوني عتبة بابٍ جديدة

لفوني بقماطٍ صافٍ كالشمس

وسجلوني بأسمٍ أكثر أُلفة

أعلم

المشهد لن يأتي كما نظمتُه أو كتبته

كما رسمته أو لحنته

المشهد يخرج دوماً عن إرادتي

ويصير رغبة جسدي في طعنة السكين

سيظل الكتاب بغير عمدٍ

يُسرب مال لديه من حبر

على الصفحة البيضاء 

وسيعطيني الإله مرةً أخرى

عِرقاً على الجبين

يصرخ:

أوقفوني بطلقة.


أعترف لك

أنني أندم 

أندم كطبيب

كأب

كسكير

كمجرم

أندم كإبليس

أندم

كمن قايض راحته

وبات ينام على أرضٍ صلبة

لكن خطيئتي دوماً

أكبر من ندمي.


أنا في البرج العاجي للإنهيار

حيث لا يمكنك إنقاذي بسهولة

لكني

سأنجو

عندما أتوقف عن توجيه أصابع الإتهام

نحو نفسي

سأنجو

عندما يتوقف الإله عن ملاحقتي

كسجينٍ هارب.

18‏/12‏/2023

ثلاثة أيام من الميلانخوليا

 لا يمكنني عبور الأيام الثلاث الماضية عبور الكرام. ما أحاول قوله أنها كانت سوداوية بشكل لا يُطاق. لقد نمت أغلب الوقت والفضل يعود للأقراص المنومة، لكن السويعات القليلة التي وعيت بها كانت رغبة صافية في الموت. 

ربما بسبب الألم الذي نخر أكتافي وأطرافي صدري كان خدراً، لكنه كان يضيق علي لحظة بعد لحظة. 

لا أعلم إن كان بمقدور جسدي القيام بأي شيء، لكن شعوري باللاجدوى حرم مثانتي من التفريغ وفمي من الإرتواء -لم أبذل أي مجهود على الإطلاق- 

الكلمات خرجت من فمي وقت الضرورة القصوى فقط وعلى شكل صياح، منها فهم الآخرون ألا يتحدثوا معي في الأيام المقبلة. 

أفرطت بالجرع، وهذا لم يعيق دماغي عن إسترجاع الأسى فور إستيقاظي من النوم، وهكذا يبدأ سيل الدموع بالإنهمار بعدها فقدان اللذة بكل ما كان يغريني حتى اليأس من التغيير، اليأس من وجود نتيجة، كل شيء أصبح بلا معنى على حين غرة. 

مناعتي تدنت وأُصِبت بالبرد وهكذا حصلت على حجة تبرر عدم نهوضي، فأنا مريضة.

في آخر يوم وصلت الكآبة أقصاها، وهي عدم رغبتي بتحريك أي عضلة من جسدي سوى أصابع يدي للمس الشاشة.

لم تُسعفني طاقتي البحث عن السبب، رغم أن يئساً بهذا الحجم لا بُد أن يأتي بعد حدثٍ كبير وواضح. بصراحة لم أشئ أن أفكر أن التراكمات هي السبب فأيامي مؤخراً ممتازة. 

أستطيع أن أتذكر بعد أي فكرة بالتحديد بدأ الحزن، لكن يا الهي كيف يمكن لفكرة تافهة وبلا معنى أن تبدأ أفكاراً إنتحارية ويأساً يعطلني عن العيش ثلاثة أيام!

ما أستطيع إستنتاجه أخيراً في كوني سريعة التأثر والسقوط هو تجمع التغييرات الهرمونية والأخبار المحبطة والآمال التي لم يسعفها الوقت أن تتحقق.

أما اليوم .. إنجازي الأكبر هو نهوضي. نهضت بلا تفكير طائل والآن أجد نفسي في أقصى طاقاتي الجسدية والروحية. أشعر بالرضا والتسامح مع نفسي حتى وأنني لم أذهب للعمل.