03‏/06‏/2022

رسالة الى ضيف جديد، الى إ.


قبل فترة طويلة، همست لك أن لا تأتِ،

فنحن حتى الآن

نجمع خطانها وندسها في جيوبنا

نجمع ظلال أقدامنا ونشربها

لعلها تزيد قامتنا او نكبر

وحين نصل الى العتبة

ننتظر دوماً، شخصاً أكبر

يسمح لنا بالمرور.

- إنه فخ، لا تأتِ -

لأنهم لن يعلموك،

كيف ننام بهدوئ في عز الصيف

كيف نبخ أجسادنا بالقطرات الاخيرة للدلو البارد

لن يخبروك،

أن الطيور المفضلة لسماء حينا هي الخفافيش

وأننا في الغالب،

سننتهي قابضين جماجمنا

أمام فوهات البنادق 

أو محشورين في ثورة

وأعضاءنا تنتظر صاروخاً ما

أو ربما سنمنح حبال المشانق رؤوسنا الثقيلة.

لكنك قاومت الرفض، وتيبس حنفياتنا

قاومت عتق بيتنا

الذي مهما طليناه

ظلت ذكرياتهم، ضحكاتهم ومآسيهم

تُفَسِخ جدرانه

وتُظهر لنا من مصباح النيون، مدى بؤسنا

الضوء في بيتنا يا عزيزي

يعكس مدى احتراق جلودنا

والماء في الدلوِ يحفر قبوراً تحت عيوننا

أما هواءنا سام لكنه لا يقتل، وهذه مشكلته..

في بيتنا علمني أهلي أن أبتئس

هكذا بلا سبب،

أن يؤنبني ضميري لأن شخصاً آخر

في بُعداً آخر، ليس بخير.

سيعطونك إسماً، كما أعطوني

وستمشي وراءه ظناً منك أنه يقودك للموت

وأنا طلبت منك عدم المجيء

لأن ليلنا قصير وشمس نهارنا مزعجة

لأن منازل حينا تتكدس في فمي

والليل يزف علوِ أصواتهم في رأسي

فبعضهم يبدأ بدق المسامير

والأغلب يبدأ بالصراخ والعويل

أحياناً ، أسمع تكسّر بعض الأواني

فأهرع إلى صحون مطبخنا

لأنني أعلم، أن حزن أمي ينقض علي

بالأطراف الحادة لصحنها المكسور.

لن يخبروك وسأخبرك،

لا تسر حافياً أو حتى بأقدامك

إلى بيت العمة

او إلى الدكان المجاور

لأنك حتماً ستقع في بالوعة الشارع،

هذه البالوعة أكلت شخصاً في عمرك

كان طفلاً مشرداً

قالوا بأن رحلة البحث عنه غير مجدية

لأنه أخيراً وجد سقفاً يحمي رأسه

هكذا بقي هناك ولم نشم رائحة تفسخه.

ينهش رأسي سقف هذا البيت

لكنك ستحب ربّ هذا البيت

الذي يشتري حبوباً للطيور

الذي بنى لنا عالماً من خشب

الذي بنى للطيور قفص

ذاته القفص الموضوع داخل حناجرنا

كي لا نتجشأ عن طريق الصدفة

كلماتنا في وجه خالنا الماكر

لكنك ستحبه،

لأنه دوماً يشحرج بالطلقات التي لا نقدر على اطلاقها.

عزيزي، لا تأتِ فكلنا مشردون

لا أحد ينام في بيته

لأن البيت في مدينتنا كذبة

إخترعها الخائفون من الشمس.

هناك تعليق واحد: