04‏/11‏/2022

عتابٌ أخير

لنتحدث،

بعيداً، في تلك الجزيرة،

دعنا نبصق حرفاً او اثنين

همزةً او نقطة

على الأرصفة وحافات الشوارع

فما فائدة شفتاي

عندما تبتعدان عن شفتيك

وما فائدة أُذناي

عندما لا تستمعان الفالس معك


عيوني اللتان كالبحر

عندما أغرق

لا تسمحان لي برفع يدي

طلباً للنجدة

وتمسكان بيديك

تتّبعان آثار أصابعك

محاولتان اكتشاف

من زرع هذا الخراب في جلدي

ففي تلك الجزيرة

ينمو على الأشجار خراب

وتمنو على الجبهات ساعات


في تلك الجزيرة

عروس البحر

تمسكني من أكمامي

وتلوّح للعابرين

بكلمة الوداع


وداعاً

نسيتك في المقهى

ومشيت

وداعاً

إنني أكفر الأمل

فالأماكن محشوة بالكلام الفارغ

ورأسي ينفجر كقنبلة

وداعاً

صار عندي أيام أريدُ الوصول إليها

وكما ترفع الغربان رؤوسها لتنعق

أرفع رأسي لتمرير حبل المشنقة

أي 

للتحقق من الوقت

فالغد، يا إلهي، جدارٌ شاهق!

أتسلق اليوم بكامله

لأسقط في النهاية من حافته

نحو الهاوية

الساعة تدق

تِك توك

سينفذ الوقت

وأنا لا أكون

سوى حلزوناً يلاحق العالم

او صوتاً يسبقه

الغد الغد

يفلتُ من أصابعي كالزئبق


وداعاً

فأنا لا أعرف العيش

لكني أعرف كيف أفكر

أعرف كيف أقنع الحبر

أن يكون خيطاً يلف أصابعي

كيف أقنع طير الحب أن يكرهني

وأعرف ايضاً

كيف أهمس للورقة صوت إنفجار


وداعاً

فأنا لا أعرف كيف أنزع عن يديّ آثار جلدك

لا أعرف كيف أغسل لساني

من لعاب البراءة المسروقة من قبلك

لا أعرف كيف أحشو رأسي ببتلات زهورك

لكني بالطبع

أعرف حشوه بالمصائب وطلقات البنادق


يا الهي،

لا أعرف كيف أزيح من جلدي شفافيته

التي تبدو كالنافذة

سوى أنها تطل على شرايين وأوردة

وليس منظرٌ خلاب

آه

لا تعرف كم من المارّة

خلعوا نعلهم خلال أقدامي

كم من الأصوات

عبرت كالخناجر خلال بلعومي

وكم من الأيادي

خدشت بمخالبها ترافة صدري


لا أنوي عتابك طويلاً

وسأودعك

أنت

من صيّر أقدامي إلى فيلٍ زاحف

يحفر الإسفلت

كما يحفر الجنّازون القبور

وطناً من الطين يعلق بأصابعي

أنت

من صيّر رأسي إلى بالون

تُفجره عن طريق الخطأ 

دبابيس حجابي

لم أعد أريدك على كتفيّ

كوشاحٍ او حقيبة

لم أعد أُريدُ حملك في رأسي

حتى كفكرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق