29‏/03‏/2024

زكاة

 

- هذا النصّ زكاة ما يُقدمه الإله لي من كؤوسٍ مريرة. -


لا أدري كيف أصفها لك.

سأقول وإن بدا لك هذا النص قراري

تأكد أنه ليس صوتي

فالصوت واللغة

باتا أكبر بكثير من حنجرتي


لا أستطيع إقناعك

بعد أربعٍ وعشرين عاماً من الحديث

أنني خرساء

لكنني أصمت عند مناداتي

وألوم الإنسان الذي أفرط بالتواصل

ولم يكتفِ بنظرةٍ او إيماءة.


سأقول

أن الإله فتح أبواب السجون كلها

مُعلِناً ولادتي 

رحت أعدو مع السرب

بلا سمعٍ او بصرٍ او فؤاد

باحثاً عن نجاتي

سأقول 

كل يوم هو حرب وهروب

أود فيه بساطاً صغيراً يشبه العلم

أُعلِن به إنتصاراتي

لكني أعود دوماً على بساط الصلاة

مُعلِناً تعبي

بحيلٍ مهدود 

أُصلي

سبحانك يا من بدد طاقتي

بعدما كنت مزهواً بنفسي

بفكرة

فكرة فقط

سبحانك يا من وضع في صدري

فم كلبٍ لاهث

يا من غلفني بجلدٍ مبسوطٍ على الشوك

يا من أفلت قلبي في حفرة غير منتهية داخل كتلة اللحم العبثية المُسماة بالجسد.


هل أتوقف عن البحث؟

ماذا لو أعادوا لي الكرة؟

وأعطوني عتبة بابٍ جديدة

لفوني بقماطٍ صافٍ كالشمس

وسجلوني بأسمٍ أكثر أُلفة

أعلم

المشهد لن يأتي كما نظمتُه أو كتبته

كما رسمته أو لحنته

المشهد يخرج دوماً عن إرادتي

ويصير رغبة جسدي في طعنة السكين

سيظل الكتاب بغير عمدٍ

يُسرب مال لديه من حبر

على الصفحة البيضاء 

وسيعطيني الإله مرةً أخرى

عِرقاً على الجبين

يصرخ:

أوقفوني بطلقة.


أعترف لك

أنني أندم 

أندم كطبيب

كأب

كسكير

كمجرم

أندم كإبليس

أندم

كمن قايض راحته

وبات ينام على أرضٍ صلبة

لكن خطيئتي دوماً

أكبر من ندمي.


أنا في البرج العاجي للإنهيار

حيث لا يمكنك إنقاذي بسهولة

لكني

سأنجو

عندما أتوقف عن توجيه أصابع الإتهام

نحو نفسي

سأنجو

عندما يتوقف الإله عن ملاحقتي

كسجينٍ هارب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق