29‏/03‏/2023

خيبة تليها "خل نشوف وين تصفى"

 ٢٣٠٣٢٩:

أتذكر دائماً الأشياء التي أردتها بشدة من الكون ولم تُحقق لي، أعلم أنه لكل فعلٍ منه حكمةً لنا وأن ما حصل هو الأفضل لحياتي. لكن .. كيف أشعر بالراحة قرب الإله بعد أذية دُعاءٍ غير مستجاب؟ 

النتيجة .. لا أستطيع الشعور بالأمان في أي بقعة على وجه الكوكب، أشعر بالخطر طوال الوقت، اتأهب للألم القادم، لا منطقة راحة في حياتي، أهرب كثيراً إلى النوم وفي النوم الكوابيس تحتجزني. تتعقبني الخيبة أينما ذهبت، سواء في المحاضرة، مع العائلة، على المائدة او حتى خلال النوم، هنالك خطر يلاحقني ولا أعلم طبيعته لكني سئمت ذلك، سئمت أن الهواء راذاذٌ من عياراتٍ نارية وأن الوسادة مليئة بالمسامير. 

لم يُفاجئني شيء في حياتي، كل الوقائع السيئة حضرني الكون لها مسبقاً، لكني اتأهب طوال الوقت لقوةٍ أعلى تنتزع ما بين يديّ وتصفعني ثم ترحل.

أعلم أنني أُبالغ في الشعور، لكني لا أستطيع إقناع نفسي بأني لستُ خائفة، لا أستطيع إقناع أقدامي أن تتوقف عن الدوران ولو في رقعةٍ صغيرة، لان الثبوت لا يعني سوى هوةً سوداء تبتلعني فجأةً.

لقد مضى حقاً وقتٌ طويل على آخر صفعة تلقيتها من العالم، لم أعد حتى أذكر ما هي وكيف حصلت.. لكني أرى عواقبها الوخيمة تنهشني بوضوح. وأعلم أنا وعدد لا يُستهان به من سكان الأرض نعيش متصالحين مع عدم تقبلنا للواقع، نستمر، نُظهر للعالم تأقلمنا مع لباسٍ جديد، ضحكة جديدة وربما جلد جديد ..

إضافةً لكل الأحداث التي صادف حضورنا بها، ولم ننتحر، لم نحاول إنهاء الأمر رغم كل الوسائل المباحة لنا للموت، رضينا بأن نعيش العزاء بدل أن يحزن علينا اباؤنا لسنتين او ثلاثة، رضينا أن نُري الأصدقاء بأننا نسير معهم نحو المستقبل وأن الأيام رغم صعوبتها .. بخير.

والواقع .. أن الأمر بدأ بـ "خل نشوف وين تصفى؟" حتى تحول إلى واجب علينا تأديته.

نعي تماماً كمية الناس الطيبة التي تملؤ حياتنا، عوائلنا المليئة بالحب والدعم لكن من العواقب الوخيمة للخيبة أننا نعي كل ذلك ولا نشعر به. فعندما يناديك أحدٌ من أفراد العائلة المحبة، تبحث عن سلاحٍ غير موجود تُباشر فيه حربٌ من صنع خيالك. وتحت سقف بيتك الذي يحميك من العواصف الترابية والأمطار وكل ما لا سامح الله بحدوثه تنتظر دوماً قرعاً من الباب يُبيح لك هروبك .. وتركز كثيراً بالأبواب رغم أنها مدخل بعض الأشياء السيئة في بيتك وليس حياتك.

أما الفزغ، فقد بدأ الأمر منذ سنواتٍ طويلة، فأنا أفزع عند صدور أي صوتٍ فجأة، عند طرق باب الحجرة، عند مناداة أسمي ووصل الأمر الى الفزع أثناء النوم. 

ختاماً.. ربما بدأت الخيبة عند عدم حصولنا على ما نريده، لكن الأمور أخذت مجراً آخر، فنحن نخاف فقدان أي شيء بالأخص أنفسنا.. أجل، أعي أنها حكمة الإله و "خل نشوف وين تصفى؟".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق